الاثنين، 21 يونيو 2010

زمن شاب فيه الولدان

زمن شاب فيه الولدان


ظننت أن الأرض ضاقت علي بما رحبت .. فخرجت ولا أعلم إلى أين أنا ذاهب .. حتى إذا وجدت قدمي مني اشتكت .. وقد طلبت الراحة وألحت .. فاستجبت لها وجلست على المقعد .. في منتصف الطريق ونفسي العليلة استرخت .




في البداية .. لم ألاحظ من بجواري جالس .. فتسرب إلى نفسي هاجس .. بأنى اجلس بجوار شخص أراد أن يعطيني مما هو دارس ، دققت نظري وتفحصت وجه الرجل .. فوجدته يجمع بين شجاعة الشباب وضعف الشيوخ !!


نظر إلي وقال : علما تنظر يا رجل !!


قلت له : احكي لي قصتك يا غلام ، فأظنك تخفي خلف وجهك حكايات عظام ؟!!


تنهد الرجل وقال : أنا شاب ذو العشرين عام ..كنت أحيا حياة العوام .. فاستيقظت ذات يوم ونظرت في المرآة .. لأرى الشيب قد غزى شعري .. وخطوط الزمن قد رُسمت على وجهي .. وانحنى ظهري وتكسر عظمي .. كأني عشت دهرا غير دهري .


سألته : ولمَ حدث ذلك يا غلام ؟؟


ظهر على وجهه الغضب .. كأني نطقت بما لا يجوز أو سألت عما هو محظور !!


ثم قال :


ألم تحيا معنا في هذا البلد يا إنسان ؟؟ ألم ترى ما وصل من فساد وطغيان ؟؟


نحن في زمن .. شاب فيه الولدان !!


ألم ترى الرجال نيام أمام البرلمان .. يتشكون من ظلم فلان .. من بلطجة واستبداد علان .. ألم تسمعهم يهتون " يسقط يسقط ترتان " ؟؟


فنحن في زمن .. شاب فيه الولدان !!


ألم تسمع عن خالد سعيد ؟! الذي أسقطه الطغاة شهيد ؟! وألصقوا به التهم كالعادة من جديد .. لتقول فتى فاسد مريد .. أرد للظلم أن يحيد .. وللطغاة والمفسدين أن يبيد .. فما كان من المجرمين إلا أن يلاحقوه بالوعيد .. وقالوا له أنت ميت أكيد .. ثم ضربوه بالحديد .. حتى مات وأصبح عند ربه خالد السعيد .. ألم يكن هناك رجل رشيد .. يقول للطوارئ لا للتمديد .. كل عامين فهو قانون غير سديد .. حتى لا يحيا الانسان في بلدنا طريد .. ملاحق بالاعتقال والضرب والتهديد ؟!!


ألم تسمع صرخة الأم بالآه .. ابني قتله الطغاة .. قتلوه ليخضعوا الجباة .. لظلمهم الذي وصل لمنتهاه .. آه وااااااابناه ؟!!


فنحن في زمان .. شاب فيه الولدان !!


ألم تتحمل مصر العديد من الإهانة .. فلم تعد هي أرض الكنانة .. بسبب حكم سلبها ما كانت عليه من مكانة !!


فنحن في زمان .. شاب فيه الولدان !!


ألم ترى ظلم الشريف للمسكين مستباح .. وضربه بالكرباج متاح .. وذهبت ما حفظناه من معايير النجاح .. فالمال أصبح لكل شيء مفتاح ؟!!


فنحن في زمان .. شاب فيه الولدان !!


ألم ترى أن الشعب أصبح من الجياع .. وأن الجميع ارتدى القناع .. ليحيا حياة المتاع .. ويكون سمتنا الضياع ؟!!


ألم ترى أن القيم قد ذهبت مع الزمان .. وتجرد منها كل إنسان .. حتى أصبحت في طي النسيان .. ونادى الجميع بالجهر بالعصيان .. وأصبح العالم مثير للغثيان .. فأرحمنى يارب يا رحمن ؟!!


فنحن في زمان .. شاب فيه الولدان


ألم تحلم أن تحيا حياة الحرية .. وأن تختفي الرشوة أو ما تسمى بالاكرامية .. ويكون التغيير والإصلاح للشعب هدية ؟!!


ألم تحلم أن تحصل على العلاوة .. لتتذوق ما في الحياة من حلاوة .. بدون أن تسحب منك إتاوة .. أو تُأخذ تحت بند الجباية .. ألم تحلم بأن لكل جبار نهاية .. ومصير الشعب هو الهداية .. فإلهمنا يارب البراية ؟!!


فنحن في زمن .. شاب فيه الولدان


هذه قصتي .. سرقت مهجتي .. وتاهت حياتي وسط كثرة الطرقاتِ .


صمت الغلام بعد أن انتهى الكلام .. وشعرت أني شيخ يبلغ مائة عام .. فنظرت في المرآة فوجدت وجهي قد خط فيه الزمان .. وعلمت صدق الغلام


أننا في زمن .. شاب فيه الولدان





3 التعليقات:

غربــــــــــــاء يقول...

نحن في زمــن شاب فيه الولدان ..
كلمات صبغتها المرارة ابداعا..
نسأل الله أن يصلح أحوالنا ..
دمتِ بخير حال وبورك في يمينك :)

hend anwar يقول...

تدوينة روعة
دمتى مبدعة

غير معرف يقول...

الفراق صعب جدا

إرسال تعليق